بدأت القصة يوم الثلاثاء تاريخ ١٠ مارس، يوم تقديم أفكار إعلان رمضان لإدارة بنك بوبيان. عرضت الفكرة و نالت على اعجاب الادارة و تمت الموافقة عليها في نفس اليوم. خرجت فرحة فأنا كذلك كنت قد احببت الفكرة كثيرا و متحمسة جدا لتنفيذها. و توجهت فورا للشركة التي كان من المقرر أن تقوم بتصوير الاعلان (سينيماجيك) لحضور اجتماع بين فريقي و فريق سينيماجيك لمناقشة تفاصيل الإعلان (من المخرج، و متى موعد التصوير و اين..الخ) و تم الاتفاق فيما بيننا على انه سوف تتم الاجابة على الاسئلة السابقة الاسبوع القادم من قبل الشركة المنتجة للإعلان (سينيماجيك). و اذا بالإسبوع القادم يأتي و يأتي معه ما ما ليس بالحسبان.
(كورونا) هذا الفيروس الذي شلّ العالم أجمع. أغلقت المطارات وتعطّلت الوزارات و الشركات و منعت التجمعات ، كانت الصدمة كبيرة على حيث ان بنك بوبيان يعتبر الأقرب لقلبي . لذلك أن اتولّى مسؤولية عمل إعلاناته في كل رمضان هو من احب الاشياء لقلبي.
و لم تتوقف الازمة عند هذا الحد بل اخذت تسوء. وفرض الحظر فلا خروج إلا للضرورة.
هذا يعني حتى و ان قررت ان يكون التصوير في الكويت ، فهذا أمر محال. مع العلم ان جرت العادة أن اقوم بتصوير اعلان بنك بوبيان بالخارج لاسباب كثيرة منها أماكن التصوير وأهمها الممثلين (الكاست). فللاسف لا يوجد لدينا ممثلين (كاست) محترفين . و إن وجدوا فالوجوه مكررة و كثر استخدامها في اعلانات اخرى.
خصوصا ان اغلب افكاري لبنك بوبيان عبارة عن فيلم قصير وهذا يستدعي وجود كاست محترف و مميز.
المهم، نرجع لمحور حديثنا، دعاية/رسالة رمضان هذا العام لن تحدث.
تحدثت مع إدارة البنك وتم الاتفاق على أن احترام القوانين والمحافظة على صحة وأرواح الناس الآن هي الرسالة الاهم . تقبل الطرفين الأوضاع وانصعنا للحقيقة، لن نقوم بتصوير أي إعلان هذا العام.
و علي الرغم من هذا إلا أنّني لم اتقبل الوضع، وهذا ليس لاي مصلحة شخصية بل بالعكس لمصلحة البنك. لان في مثل هذه الظروف القاسية و ما يمر به العالم، فمن المهم أن تمارس الشركات دورها بالخدمة الاجتماعية . من المهم أن يكون لأي شركة صوت و مشاركة بهذه الأزمة و بعدة أشكال و منها الإعلان. و لا انصح ان تظل اي شركة صامتة بظل الأزمات بل يجب عليها المشاركة و ان تكون دائما متواجدة في الضراء قبل السراء. و من هنا ابتدأ البحث عن ايجاد حلول.
في هذه الظروف و نظرا للقوانين الجديدة التي تمنع الخروج او التجمعات ، كانت اغلب الاعلانات تملك شكل واحد في التصوير و رسالة واحدة فقط.
الرسالة: شكرا للصفوف الاولى و التصوير: داخل استوديو فقط ، ولم اكن اريد ان اكون كالجميع.
ارجو ان لا يؤخذ كلامي او يفهم بشكل خاطئ. نعم كل الشكر و الامتنان لكل للعاملين في الصفوف الاولى . و لكن من المهم أن تختلف كل شركة برسالتها الاعلانية و أن تتميز عن غيرها. وإلا ما الفائدة من إنفاق الأموال على عمل اعلان لن يحدث أي فرق بالمجتمع، اعلان مكرر ولا يحصد ردود أفعال أو يحدث أثر.
بعد التفكير و البحث وجدنا ان هناك ايضا موضوع غاىب عن الاذهان . موضوع مهم و يستحق إلقاء الضوء عليه و هو مشاعر من هم الان بالحجر المؤسسي أو المنزلي أو من يجلسون بالبيت بسبب الحظر.
ما هي مشاعرهم ؟ بماذا يفكرون و ماهو روتينهم اليومي؟ كيف هي نفسياتهم؟ و ماهي رؤيتهم للحياة الآن أو بعد الازمة انشاءالله؟ هل تغيرت الاولويات؟
"شلّي صار" سؤال يعصف بأذهان الكل . و من هنا كتبت النص للاعلان. ابتعدت عن ما يسمى بكلمات الاعلان و هي جمل متعارف عليها قد تكون احيانا سطحية أو منمقة و اخترت كتابة كلمات بسيطة لكن حقيقية عميقة بمعناها و قريبة من القلب. فهدفي هو أن أتكلم بلسان حال الملايين . ولذلك كلما كانت الكلمات بسيطة وحقيقية كلما كانت أسهل في الوصول لقلوب الناس.
أما عن التصوير..نعم لن نخرج نعم سنحترم القوانين و نعم سنحمي صحتنا و نحافظ على صحة الآخرين و لكن لن نقف مكتوفي الأيدي. لذلك قررنا إعادة استخدام لقطات من أعمال سابقة لبنك بوبيان كنا قد صورناها على مدار ٨ سنوات معا، مع إضافة بعض اللقطات الجديدة عن طريق شرائها من الانترنت.
بالبداية كان هذا الحل بأذهاننا سهل و لكن عندما بدأنا بالعمل وجدنا صعوبة في استخدام اللقطات من الدعايات السابقة للبنك و السبب نفسي بحت. كان من الصعب علينا رؤية نفس المشاهد و اللقطات بعين جديدة . أن نراها و كأننا نراها لأول مرة حتى نستطيع ان نضعها بالمكان المناسب في الفيديو. اما عن شراء بعض المشاهد الناقصة من الانترنت ، لم تكن العملية أقل صعوبة.
فكل المشاهد الموجودة لا تعكس حالنا بالعالم العربي او الخليجي . لا بلون البشرة و لا شكل الوجه ولا اللبس. وهي اغلبها لأوروبيين وأجانب. و إن وجدنا ما يشبهنا يكون في الغالب لا يتوافق مع الشريعة الإسلامية . فالنساء غير محجبات. و بنك بوبيان طبعا هو بنك إسلامي فيجب التقيد بتعاليم الشريعة الاسلامية عند عمل اي اعلان له. و بعد الكثير من البحث والتدقيق وجدنا الحمدالله الخلطة المناسبة. و حان الآن وقت نزول الاعلان.
بأقل من ١٠ دقائق ، ينتشر الاعلان و يحظى بصدى جميل و ينال الاعجاب. و تمت إعادة نشر الإعلان على صفحات الكثيرين و ردود الأفعال كانت كلها إيجابية . والأغلب كرر كتابة نفس ردة الفعل على صفحات البنك في السوشيل ميديا او على يوتيوب . "هذا أنا" أو "نفس شعوري حاليا" "اعلان مؤثر " رسالة جميلة"
"صح لازم نفهم"
كان هذا هدفي من الإعلان هو ملامسة قلوب الناس أن يشعر كل شخص يرى و يسمع الإعلان أن هذا الإعلان يخاطبه هو. لذلك كانت ردود الأفعال هذه هي أكبر نجاح لي و للبنك.
قبل الختام احب أن أشكر الإعلامي "علي نجم" لأنه اعطى لكلماتي صوت و شعور . و أحب أن أشكر إدارة بنك بوبيان على تقبلهم الدائم لكل فكرة جديدة و حرصهم الدائم على تقديم كل مايهم و يفيد المجتمع.
وفي الختام أتوجه بنصيحة او كلمة صادقة لكل من يقرأ هذا المنتدى او البلوق ...
دائما كن حقيقيا ، بسيطا في كلامك ... تتقبلك الملايين، تتفاعل معك و تصل رسالتك.
كن دائما واثقا انه وان قست عليك الظروف و ضاقت عليك الحياة
"هناك دائما حل ينتظرك أن تراه"
مريم المطيري
Founder/CEO/Creative Director
コメント